حملَة معًا نَنهَض
لِرَفع سِن الحضانة ل 18 عامًا
في ظل وجود إشكاليات في المنظومة القانونية الحالية، وقصور بالعديد من البنود التمييزية بين الذكر والأنثى، تَسلُك نسبَة كبيرة مِن النساء المنفصلات أو السَّائرات فِي طريق الانفصال ، سُبُلاً شائِكة يَضطرِرن خِلالهَا لِدَفع أَثمان بَاهِضة فِي سبيل الحصول على حُقوقِهنَّ فِي النَّفَقة ، أو الحضانة ، أو رؤيَة أبْنائهنَّ أو بناتهن. تهدف هذه الحملة إلى الضغط والتأثير باتجاه تعديل القوانين الناظمة لموضوع الحضانة في قانون الأحوال الشخصية، ورفع سن الحضانة إلى 18 عاماً للذكر وللأنثى، وأن تكون حقوقهم متساوية، وضمان تحقيق مصلحة الطفل الفضلى في أن يبقى في رعاية أمه إذا كانت مؤهلة، خاصة في هذه المرحلة العمرية الحساسة وشديدة الأهمية والتي يكون فيها الطفل في أمس الحاجة لأمه، و بالتالي، تأمين نمو نفسي وجسدي سليم له/ا، و علاقات أسرية متوازنة، وتجنب تشتيت الطفل بين تجاذبات الوالدين. هُنَا نسلط الضوء على قصص لِبَعض تِلْك النِّساء ، اَلآتِي يريْن فِي رَفع سِنِّ الحضانة ل 18 عامًا سبيلاً كفيلاً بِتخفيف مُعاناتهنَّ فِي طريق تَحصِيل حُقوقِهنَّ وَتحقيق المصلحة اَلفُضلى لِلطفلات والأطفال.
مَطلبٌ عَادِل
يضطر بعض الأزواج والزوجات لاتخاذ قرار صعب كالطلاق بعد محاولات متعددة للحفاظ على الحياة الزوجية، وتجاوز المشاكل أو التحديات المتزايدة، وذلك في سبيل حماية حقوق ابنائهم وبناتهم وتجنيبهم العيش في ظل ظروف أسرية مشحونة، قد تترك أثرها السلبي على وضعهم النفسي وتحصيلهم الدراسي وسلوكهم الإجتماعي، ولكن نِسبَة كَبيرة من المنفصلين يُصرُّون على تحويل هذا القرار لِحَرب طاحِنة ، يَستخدِم خِلالَهَا الزوجة والزوج على وَجْه اَلخُصوص ، كَافَّة أَشكال الضَّغط والْإذْلال فِي سبيل دَفع الطَّرف الآخر على النَّدم ، أو بِدافع الانتقام، ويستخدمون الأبناء والبنات في كثير مِن الحالات كَأَداة ضَغط وابتزاز لِحرْمَان الحاضن سواء كان الأب أو الأم مِن حَقهِ في الحضانة ، أو حق النساء وبناتهن وأبناءهن في النفقة.
سقوط الحضانة عن الأم
وفي حال قررت الأم الزواج فإن حق الحضانة يسقط عنها تلقائيا بشكل قانوني، وفقا للمادة (156) لقانون الأحوال الشخصية الفلسطيني، وفي ذلك شكلا واضحا من أشكال التمييز والتعارض بين القوانين، وتناسيا للمصلحة الفضلى للأبناء والبنات.
في المقابل لا تسقط حضانة الأب بزواجه
رغم أن الفصل الخامس من قانون الأحوال الشخصية، باب المحرمات، المادة (25) بند تأبيد الحرمة بالمصاهرة
هـ - ربائبه أي بنات زوجته وبنات أولاد زوجته.
ويشترط في الصنف الرابع الدخول بالزوجات.
أي أنه بنات الزوجة يصبحن محرمات حرمة أبدية على الزوج.
اذا لماذا تسقط الحضانة عند زواج الام؟
هذه الحرب وتلك التناقضات يَدفع ثَمنُها بِالغالب الأبناء والبنات خاصة في مرحلة حَسَّاسة كَمَرحلَة المراهقة ، والتي يجدُون أَنفُسهم فيها فِي حالة صراع دائِم ، عالقين بين طرفَي نِزاع يسعى كل منهما في كثير من الأحيان لِتشوِيه صورة الآخر في عيونِهم ، وفي هذا السِّنِّ الحسَّاس يضطر الأطفال من الجنسين في عمر ال 15 سنوات وربما قبل ذلك بكثير للانتقال للعيش في وصاية الأَب ، بعد انتِهاء فترة حضانة الأُم لَهم .
فيؤدي ذلك إلى حرمان الأطفال من حياة مستقرة، ومن المرجح أن يصبحوا أكثر عرضة للتأثر بالصدمات النفسية والتي تؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية، وقصور في الإندماج مع الأقران، وزيادة العدوانية أو الإنطوائية والعزلة، وحدوث تدني في التحصيل الدراسي والذي يترتب عليه مستقبل الطفل، لأن الأم هي عادةً من تتابع التحصيل الدراسي لأطفالها وتهتم بنموهم النفسي، والعاطفي، والسلوكي. بالإضافة إلى أن فصل الطفل عن أمه وانتقاله للعيش مع الأب وزوجة الأب، قد يعرضه للمعاملة السيئة من قبل زوجة الأب فيتحول الطفل إما إلى عنيف وعدواني، أو انطوائي منعزل.
بالاستناد للمادة (162) من قانون الاحوال الشخصية فان حضانة الأم التي حبست نفسها على تربية وحضانة أولادها تمتد إلى بلوغهم.
وبموجب التعميم القضائي تم رفع سن الحضانة للأم في الضفة الغربية من 9 سنوات للذكر، و 11 سنة للأنثى إلى فترة البلوغ الذي حدد بعمر (15 عامًا لكلا الجنسين)، ولكن هذا القرار يبقى فاقدا لطابعه الالزامي بالنسبة للقضاة، نظرا لأنه لم يرافقه أي تعديل دستوري أو قانوني، بسبب تعطيل عمل المجلس التشريعي.
وَإذا اِخْتارت الإناث بعد بلوغ السن القانوني البقاء في حضانَة اَلأُم فإن نفقتهن تسقط تلقائيا وفق القانون، وفقا للمادة (165) من قانون الأحوال الشخصية الفلسطيني فإنه:
أ- للولي المحرم أن يضم إليه الأنثى البكر إذا كانت دون الأربعين من العمر والثيب إذا كانت غير مأمونة على نفسها لم يقصد بالضم الكيد والإضرار بها.
ب- إذا تمردت الأنثى المحكوم عليها بالانضمام للولي عن الانضمام إليه بغير حق فلا نفقة عليه.
وتضطر الكثير من النساء لعدم اقتدارهن ماديا على النفقة للتسليم بالأمر الواقع وقبول انتقال ابنائها وبناتها لحضانة الولي رغم أن هذا القرار قد لا يكون في كثير من الأحيان مراعيا لمصلحتهم الفضلى، وبالمقابل يلجأ الكثير من الآباء لحرمان الأم من التواصل مع بناتها وأبنائها أو مشاهدتهم كنوع من أنواع العقاب خاصة بعد انتقالهم لولايته، ويرفض البعض الآخر انتقالهم بالأساس لولايته في سبيل التَّنصُّل من الاستمرار في دفع النفقة، أو لِاضْطرار النِّسَاء إِمَّا التَّنازل عن الحضانة أو النَّفَقة ، أو العودة لِلحياة الزَّوجيَّة وَفق شُرُوط مُجحِفة ، وعلى جميع الأحوال فالخاسر الأكبر هُم الأبناء. وللتخفيف من معاناة النساء والأبناء والبنات من هذه المساومات الخطيرة، وحتى لا تبقى أحكام النفقة الصادرة عن المحاكم الشرعية حبراً على ورق، تم إنشاء صندوق النفقة الفلسطيني.
صندوق النفقة الفلسطيني
هو هيئة سيادية غير وزارية تتبع رئيس مجلس الوزراء، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية، وله موازنة مستقلة. ويسعى إلى إلغاء التمييز المبني على النوع الاجتماعي، وتمكين الشرائح التي لا ينصفها القانون، من خلال مساندة ودعم الفئات المستفيدة للمطالبة بحقوقها وتأمين الحق في النفقة للفئة المستفيدة واسترداد الأموال المدفوعة من المكلفين قانونياً.
يهدف الصندوق إلى ضمان تنفيذ حكم النفقة الذي يتعذر تنفيذه بسبب تغيب المحكوم عليه، أو جهل محل إقامته، أو عدم وجود مال ينفذ منه الحكم، أو لأي سبب آخر.
عدد المستحقين لخدمات الصندوق في عام 2020
لِذا ترى العديد من المؤسَّسات الحقوقيَّة والنِّسْويَّة أنَّ رفع سِنِّ حضانَة اَلأُم لِأبنائهَا وبناتها ل 18 عامًا، كفيلا بِتجنيبهم في هذَا اَلعُمر الحسَّاس اختبار هذا اَلمزيج من المشاعر المتضاربة والخلافات التِي تَضُر بِصحَّتِهم النَّفْسيَّة ورؤْيتهم واحْترامهم لِلرِّبَاط العائليِّ مُسْتقْبلا ، ويمْنحهم فُرصَة البقَاء فِي حَضانَة اَلأُم أو الحاضن الذي يحقق المصلحة الفضلى لهم لأطْول فترة مُمكنة ، خَاصَّة لِلإنَاث اللَّواتي يُفَضلن التَّقَرُّب من أُمَّهاتهنَّ خلال هذا العمر المزدحم بالتَّغيُّرات النَّفسيَّة والهرمونيَّة والجسديَّة، واللواتي لا يتمعتن بنفس حرية الاختيار الغير مشروطة بقطع نفقة الولي بعد بلوغ السن القانوني، وَتَحوَّل دون اضطرار النِّسَاء للمساومة بالحقوق مقابِل الأبناء ، أي أنَّ رَفع سِنِّ الحضانة من شَأنِه الحفاظ على مصلحة الطِّفل والطفلة اَلفضلى وحقُوق النِّسَاء وضمان حياة كريمَة لهُم ، ويضمن للفتيات حقهن في النفقة ، حتَّى وإِن تخلَّى الولي عنهم.